مارك زوكربرج يخطط لكسب الملايين من 3 مليارات مستخدم لتطبيق واتساب بالعالم
في خطوة قد تُغيّر مستقبل تطبيق الرسائل الأكثر استخداماً في العالم، أعلنت شركة Meta أنها ستبدأ بعرض الإعلانات داخل واتساب، لتفتح بذلك الباب أمام مصدر دخل جديد، يُراهن عليه مارك زوكربرج لتعزيز عائدات شركته من تطبيق استحوذ عليه مقابل 19 مليار دولار في عام 2014.
وبحسب ميتا فإن الإعلانات لن تظهر داخل محادثات واتساب، بل ستقتصر مبدئياً على قسم “الحالة” أو الـ Status الموجود ضمن تبويب “التحديثات” أو الـ Updates، في توجّه يعد بمثابة اختبار لمدى قدرة الشركة على تحقيق الدخل من واتساب، دون المساس بجوهر خصوصية المستخدمين، التي لطالما كانت حجر عثرة أمام جهود ميتا لتحقيق الأرباح من التطبيق.
التبويب الأكثر ازدحاماً
ومع أكثر من 3 مليارات مستخدم نشط شهرياً، يُعد واتساب واحداً من أكثر التطبيقات استخداماً على وجه الأرض، ما يضع بين يدي ميتا فرصة ذهبية لتحقيق دخل إعلاني ضخم، خصوصاً أن تبويب “التحديثات” أي المكان الذي ستظهر فيه الإعلانات يعد من أكثر التبويبات ازدحاماً على واتساب، إذ يزوره نحو 1.5 مليار مستخدم يومياً، ما يُطلق العنان لأحد أكثر المصادر المحتملة ربحية في تاريخ ميتا.
وبحسب تقرير أعدته “بلومبرج” وطلع عليه موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، فإنه ومنذ استحواذها على واتساب عام 2014، واجهت ميتا تحدياً بالغاً، تمثل في كيفية تحقيق إيرادات من تطبيق بُني على وعدٍ واضح لمؤسسيه، جان كوم وبريان أكتون، بعدم عرض الإعلانات، وهما اللذان غادرا الشركة في عامي 2017 و2018 بسبب خلافات حول هذا التوجّه بالذات.
والآن بعد سنواتٍ من البحث والتطوير الحذر، أعلنت أليس نيوتن ريكس، نائبة رئيس المنتجات في واتساب، أن الإعلانات داخل التطبيق بدأت بالظهور على صعيد عالمي اعتباراً من يوم الاثنين الماضي، مشيرة إلى أن الانتشار الكامل لهذه الخدمة سيستغرق بعض الوقت. وشدّدت ريكس على أن رسائل المستخدمين داخل واتساب ستبقى بمنأى عن الإعلانات، مؤكدة أن نوعية الإعلانات التي ستستهدف المستخدمين تستند إلى موقعهم الجغرافي ولغتهم المفضّلة، والقنوات التي يتابعونها داخل التطبيق، وليس بناءً على أن معلومات أخرى تخصهم موجودة داخل واتساب.
واتساب منجم ذهب رقمي
ويقول خبيرة التسويق الرقمي دادي جعجع، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن ما نراه اليوم هو بداية تحوّل استراتيجي لواتساب، من مجرد تطبيق مراسلة إلى منصة تجارية تُدرّ عائدات ضخمة، فمع أكثر من 3 مليارات مستخدم نشط شهرياً، و1.5 مليار شخص يزورون تبويب “التحديثات” بشكل يومي، فإن الحجم المحتمل للإعلانات على التطبيق سيكون هائلاً، مشيرةً إلى أنه إذا أخذنا في الاعتبار أن متوسط العائد لكل مستخدم على فايسبوك وإنستجرام، يتراوح بين 10 و15 دولاراً سنوياً، فإننا نتحدث هنا عن سوق إعلاني يُمكن أن يُضيف بين 10 و20 مليار دولار، إلى إيرادات ميتا السنوية في حال تم تفعيل الإعلانات على نطاق واسع داخل واتساب.
وبحسب جعجع فإن ما يخطط له مارك زوكربيرج، هو تحويل واتساب إلى منجم ذهب رقمي، مستفيداً من قاعدة المستخدمين الضخمة التي تُشكّل نقطة جذب للمعلنين الباحثين عن قنوات جديدة أقل ازدحاماً بالإعلانات، معتبرةً أنه إذا نجحت ميتا في الحفاظ على توازن دقيق بين تجربة المستخدم والعائد الإعلاني، فقد يُصبح واتساب خلال بضع سنوات ثاني أكبر مصدر دخل للشركة بعد فيسبوك.
قوة التفاعل اليومي
وتشرح جعجع أنه إذا تم تحقيق عائد سنوي متوسط بقيمة 5 دولارات فقط لكل مستخدم، من أصل 1.5 مليار مستخدم نشط يومياً في تبويب “الحالة”، فقد تحقق ميتا إيرادات تتجاوز الـ7.5 مليار دولار سنوياً من الإعلانات على واتساب وحده، ومع تطوير أدوات الاستهداف وزيادة تفاعل الشركات مع المنصة، يمكن أن يتضاعف هذا الرقم بسهولة ليصل إلى 15مليار دولار سنوياً خلال 3 إلى 5 سنوات، لافتاً إلى أن طبيعة واتساب كتطبيق ذات معدّل استخدام يومي مرتفع جداً، يمنحه ميزة تنافسية في سوق الإعلانات، خصوصاً في الأسواق النامية التي تُمثّل أكثر من 70 في المئة من قاعدة مستخدمي التطبيق، وهي أسواق تسعى ميتا جاهدة لتعزيز تواجدها الإعلاني فيها.
شاشة المستخدم الأولى
من جانبه، يرى المطور التكنولوجي فادي حيمور، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن دخول واتساب إلى سوق الإعلانات، لا يجب قراءته فقط من زاوية العائدات المباشرة، بل أيضاً كخطوة استباقية في سباق السيطرة على “شاشة المستخدم الأولى” أي التطبيقات التي تُفتح أولاً وبشكل يومي، حيث يتصدّر واتساب هذه القائمة في معظم دول العالم، فكل شخص يفتح التطبيق بمعدل 30 مرة باليوم، مشيراً إلى أن ما تقوم به ميتا حالياً هو تصميم بنية تحتية إعلانية جديدة يستخدمها الأفراد والشركات على حد سواء، فواتساب بفضل حجمه الضخم وسلوكيات المستخدمين المرتبطة به، قد يتحوّل إلى “قلب المنظومة الإعلانية الجديدة” لمجموعة ميتا، مما يُقلّص من اعتماد الشركة على فايسبوك وإنستجرام، ويُحصّنها أمام التغيّرات المتسارعة في سلوك المستخدمين الشباب حول العالم.
تأثير سلبي
ويلفت حيمور إلى أنه حين استحوذت شركة ميتا على واتساب في عام 2014، كانت إحدى الركائز الأساسية التي تم الترويج لها، هي الحفاظ على خصوصية المستخدم وخلو التطبيق من الإعلانات، تماشياً مع فلسفة مؤسسيه جان كوم وبريان أكتون، ولكن اليوم تمضي ميتا في الاتجاه المعاكس تماماً لذلك التعهّد، لافتاً إلى أن هذا التحوّل يُثير تساؤلات جوهرية، حول مستقبل العلاقة بين المستخدم وواتساب، خصوصاً إذا ما تم التوسع لاحقاً في عرض الإعلانات إلى ما هو أبعد من قسم “الحالة”، الأمر الذي يمس بمفهوم “سلاسة الاستخدام” الذي لطالما شكّل حجر الأساس لانتشار واتساب في الأسواق العالمية.
وشدد حيمور على أن العديد من المستخدمين يعتقدون أن إدراج الإعلانات في واتساب، يُعد تدخلاً غير مرحّب به في تجربة استخدامهم اليومية، وهذا الانطباع السلبي قد يُؤثر سلباً على ولاء المستخدمين ويدفع البعض للبحث عن بدائل أكثر التزاماً بتجربة خالية من الإعلانات.