بسبب زراعة وصناعة ورق البردى في محافظة الشرقية .. إعادة إحياء تراث مصر إلي العالم

بسبب زراعة وصناعة ورق البردى في محافظة الشرقية .. إعادة إحياء تراث مصر إلي العالم
تُعتبر الحرف اليدوية التراثية جزءًا أساسيًا من تراث محافظة الشرقية، حيث تعتمد هذه الحرف على المهارة الفردية للصناع واستخدام الخامات الأولية من البيئة المحلية أو المستوردة، ومن بين هذه الحرف، تبرز صناعة ورق البردى فى قرية القراموص بمركز أبو كبير كمثال بارز، حيث يُعدّ معظم أهالى القرية خبراء فى هذه الصناعة العريقة التى تمتد جذورها إلى العصور الفرعونية.
وكان الاعتماد الكامل على زراعة نبات البردى قائمًا منذ أكثر من ٥٠ عامًا، حينها وصلت المساحة المنزرعة بالنبات فى القرية إلى ٥٠٠ فدان، ما أدى إلى طفرة كبيرة فى إنتاج ورق البردى، الأمر الذى جعل القرية تلعب دورًا مهمًا فى توفير مستنسخات من الفن المصرى القديم للعالم، فضلًا عن توفير العديد من فرص العمل للشباب والمرأة المعيلة بالقرية، مما ساعد على مواجهة البطالة وتوفير حياة كريمة لهم، وباتت القرية خالية من العاطلين، ناهيك عن جذب العمالة من القرى المجاورة.
وتمر حرفة صناعة ورق البردى فى القرية بعدة مراحل أساسية، بدءًا من جمع النبات من المستنقعات مع التركيز على السيقان الشابة التى تحتوى على أفضل المواد، ثم تُنزع القشور الخارجية من السيقان، ثم تُقطع إلى شرائح رفيعة يتم غمرها فى الماء لفترة طويلة لجعلها مرنة وسهلة التعامل، وبعد ذلك تُفرد الشرائح على سطح مستوٍ وتُوضع فوقها طبقات أخرى من الشرائح لتشكيل نسيج لاصق، ثم يتم ضغط الشرائح المُعدة باستخدام أوزان أو مكابس لضمان التصاقها جيدًا، ثم تُترك لتجف، وبعد مرحلة التجفيف يتم تقطيع الورق إلى الأحجام المطلوبة وتلميعها وتدريجها، وذلك لجعلها مناسبة للاستخدام فى الكتابة أو كعنصر للزينة.

فى السنوات الأخيرة، شهدت صناعة ورق البردى فى قرية القراموص تراجعًا ملحوظًا، كونها تعتمد بشكل رئيسى على السياحة التى تشكل سوقًا رئيسيًا للمنتجات، بالإضافة إلى صعوبات فى الحصول على تمويل لتطوير الصناعة والحفاظ على تقاليدها، وعلى الرغم من كل تلك المعوقات إلا أن القرية لا زالت مركزًا مهمًا لصناعة ورق البردى، وتستمر جهود الحفاظ على هذه الحرفة وتعزيزها من خلال تنمية السياحة، والترويج للمنتجات التقليدية من خلال المشاركة فى المعارض المقامة سواء داخل المحافظة أو خارجها، أملًا أن تعود الصناعة إلى سابق عهدها.
وتتماشى جهود محافظة الشرقية مع رؤية «نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة والخدمات المتميزة» من خلال تنفيذ خطة إدارة السياحة لتنمية حرفة البردى، وهى واحدة من الحرف اليدوية المهمة فى المحافظة، وتم العمل على تطوير الحرفة عبر ٣ محاور رئيسية تهدف إلى تحسين الجودة، وتعزيز التسويق، وتنمية الوعى المجتمعى، وقد أُقيمت ورشة تقنيات التلوين لمنتجات البردى، والتى تهدف إلى رفع كفاءة ١٥ من أصحاب حرفة البردى فى قرية القراموص، بالتعاون مع مؤسسة الفن والحياة، بالإضافة إلى ورشة مبادئ التسويق والعلامة التجارية، والتى ركزت على تدريب ١٥ من أصحاب الحرفة على التسويق والعلامة التجارية، بالشراكة مع كلية إدارة الأعمال بجامعة مصر الدولية، فضلًا عن عقد جلسة عمل لأصحاب الحرف اليدوية المتميزة، بهدف ربط المنتجات اليدوية المتميزة مثل البردى، والفخار، والكليم بسياحة العائلة المقدسة، وذلك بالتعاون مع نقابة الفنانين التشكيليين.

كما حرصت محافظة الشرقية على إقامة معارض لدعم الحرف اليدوية، وتم تنفيذ ١٦ معرضًا لدعم تسويق الحرف بما فى ذلك حرفة البردى، وذلك من خلال مبادرة أيادى مصر، وكذلك المعارض المرتبطة بالمناسبات السياحية والقومية، مثل مهرجان الخيول العربية، واحتفالية دخول العائلة المقدسة، كما تم إدراج قرية القراموص ضمن برنامج سياحى متكامل، حيث استقبلت ٧ رحلات داخلية، و٤ زيارات أجنبية من دول مختلفة بين مايو ٢٠٢٣ ومايو ٢٠٢٤، فضلًا عن تنفيذ ٦ ندوات استهدفت طلاب المرحلة الابتدائية، والإعدادية، للتعريف بمعالم المحافظة وصناعاتها الحرفية، وتوضيح أهمية المواقع السياحية الواعدة، ناهيك عن إقامة ١٠ ورش للتعريف بحرفة البردى، وذلك على هامش المعارض المنفذة، لزيادة معرفة أفراد المجتمع بالحرفة وتعزيز قدراتهم على المشاركة فى الحفاظ عليها.
وتسعى محافظة الشرقية من خلال هذه المحاور إلى تعزيز حرفة البردى وتطويرها، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، مما يعزز من تجربة الزوار، ويعزز أيضًا من الوضع السياحى للمحافظة، للمساهمة فى الحفاظ على التراث الثقافى، وتعزيز الاقتصاد المحلى من خلال تحسين جودة المنتجات، ودعم التسويق، وزيادة الوعى المجتمعى.

وتتمثل الرؤية المستقبلية فى تحويل قرية القراموص إلى وجهة سياحية بيئية تقدم تجربة ريفية فريدة للسائحين الأجانب، وقد تم إدراج القرية كمشروع للتنمية السياحية البيئية ضمن الخطة المتوسطة الأجل لوزارة السياحة والآثار ٢٠٢٤/٢٠٢٧، تحت مشروع «قرية البردي» والذى يهدف إلى إنشاء مركز خدمات متكاملة، ويتضمن المشروع بناء مركز زيارة يشمل ورشًا حرفية لعرض مراحل صناعة البردى وتدريب لرفع جودة المنتجات، وتوفير مرافق سياحية، من خلال إنشاء غرف فندقية بيئية تتناسب مع الطابع الريفى، وساحة لعرض الفنون الشعبية، بالإضافة إلى مطاعم وكافيتريات توفر تجربة تناول أطعمة محلية.
كما تسعى المحافظة من خلال الرؤية المستقبلية إلى تحسين جودة منتجات البردى وتطويرها لتكون ذات علامة تجارية عالمية، وذلك من خلال تنفيذ ورش تدريبية لتطوير المهارات، وتقديم تقنيات جديدة فى صناعة البردى، مما يساهم فى ابتكار منتجات متنوعة تلبى متطلبات السوق العالمية، فضلًا عن ابتكار منتجات جديدة للعمل على تصميم منتجات مبتكرة من البردى تتماشى مع الاتجاهات العالمية، وتواكب احتياجات السوق، مما يعزز القدرة التنافسية للمنتجات ويجذب المزيد من العملاء.
وقد سعت الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة بالمحافظة، خلال الآونة الأخيرة لتنظيم العديد من الزيارات التى تسهم فى ترسيخ قيم الانتماء والاعتزاز بالحضارة المصرية، وتعزز من صورة مصر الذهنية كمقصد سياحى وتراثى عالمى، حيث استقبلت الهيئة وفدًا من طلبة المدرسة اليابانية بالجيزة، وأبناء العاملين بالسفارة اليابانية بالقاهرة، فى زيارة ميدانية إلى القرية للتعرف على تاريخ وأهمية نبات البردى، ومتابعة مراحله بدءًا من الزراعة داخل الحقول، وصولًا إلى التصنيع اليدوى داخل الورش التراثية، وصولًا لتحويله إلى أوراق بردى تُستخدم فى الأعمال الفنية، والمنتجات السياحية ذات الطابع الفرعونى.
وفى هذا السياق، أكد حازم الأشمونى، محافظ الشرقية، أهمية هذه المبادرات فى رفع الوعى السياحى والثقافى لدى الأجيال الناشئة، مشيرًا إلى أن الرؤية المستقبلية لحرفة البردى فى قرية القراموص تتمحور حول تحويلها إلى وجهة سياحية بيئية متكاملة، بهدف تعزيز السياحة البيئية، والاقتصاد المحلى، مما يدعم الحفاظ على التراث الثقافى، ويعزز من مكانة القرية كمركز رائد فى صناعة البردى.
تابعونا لمزيد من التغطيات الحصرية والمحتوي المتنوع عبر أقسامنا المتجددة، حيث نقدم لكم أحدث أخبار وتقارير علي مدار الـ24 ساعة، وأحدث أخبار مصر و اقتصاد وبنوك وبورصة إلي جانب تغطية حصرية من خلال سفارات وجاليات ، وتغطية شاملة للتطوير العقاري من خلال قسم عقارات ونتشارك في الترويج للسياحة والآثار المصرية من خلال قسم سياحة وآثار ، إضافة لأخبار خاصة في قسم ثقافة وفنون و علوم وتكنولوجيا ومنوعات ، كما نولي اهتمام خاص بـ الرياضة و المرأة ونقدم لكم كل يهم التعليم والطلاب من خلال أخبار الجامعات .