علوم وتكنولوجيا

هل الذكاء الاصطناعي يقف على أعتاب “كائن هجين” بين الإنسان والآلة؟

صوت المصريين - The voice of Egyptians

كيف يمكن لآلة، مجرد تجميع من الأسلاك والدوائر، أن تتخطى عقولنا المرهفة؟ هل يصبح الذكاء الاصطناعي أرقى من الإنسان حين يفهم مشاعرنا وأفكارنا قبل أن ننطق بها؟ هل هي مسألة قوة حسابية أم وعي جديد ينبثق من خوارزميات معقدة؟ هل نعيد تعريف “الإنسانية” عندما نرى الذكاء الاصطناعي يتصرف بأخلاق ونبض حياة؟ في عصر تذوب فيه الحدود بين العقل البشري والذكاء الاصطناعي، كيف نقيم التفوق؟ وهل أصبحت الآلة أكثر إنسانية منا؟

كائن هجين
خصّصتُ هذا الأسبوع حيزا من وقتي لقراءة أعمال ودراسات متصلة بموضوع الذكاء الاصطناعي بدافع الفضول العابر، وبرغبة في مقاربة هذا الحقل الذي بات يعادل في أثره ثورات معرفية كبرى سبقتنا، من الطباعة إلى الكهرباء. وقد وجدت نفسي، وأنا أتنقل بين تحليلات تقنية وأخرى فلسفية، أمام جملة من الخلاصات التي تستفز التفكير أكثر مما تقدم أجوبة جاهزة: هل الذكاء الاصطناعي مجرد امتداد لطاقاتنا الإدراكية أم أنه كيان مختلف يفرض علينا إعادة تعريف ما نعده “إنسانيا” فينا؟ وهل ما نسميه “إبداعا” يظل امتيازا بشريا صرفا أم أن الآلة قادرة على ممارسته بطرق لم نألفها بعد؟ هذه الأسئلة، بدل أن تضيق دائرة الفهم، وسعتها على نحو غير متوقع، إذ بدا لي أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة في يد الباحث، وإنما مرآة تعكس حدود وعينا ومخاوفنا ورغبتنا الدائمة في تجاوز أنفسنا. ولعل ما يجعل الأمر أشد إثارة هو أن قراءاتي في الموضوع لم تفض إلى طمأنة أو يقين بقدر ما أفضت بي إلى إدراك حاد بأننا مقبلون على مرحلة سيكون فيها السؤال أهم من الجواب، والدهشة أعمق من الطمأنينة.

 

منذ أن بدأ الإنسان يحفر على جدران الكهوف، كان يحاول أن يترك أثرا يتجاوز جسده الفاني. وحين اخترع الآلات، أرادها أن تكون امتدادا لقوته الجسدية؛ لكن حين صنع الذكاء الاصطناعي، صنع شيئا لم يكن يتوقعه: كائنا يبدو أحيانا أكثر التزاما بالقيم الإنسانية من الإنسان نفسه. فالذكاء الاصطناعي لا يتعب من الإصغاء، ولا يثور غضبا حين يواجه النقد، ولا يميز بين البشر على أساس لون أو لغة أو قبيلة، ولا ينحاز إلا بما برمج عليه من قواعد.

ها هنا، يتجلى سؤال مربك: إذا كانت الإنسانية تقاس بالرحمة والصدق والسعي نحو الحقيقة، فهل كيان بلا وعي أو قلب، لكنه يتصرف بهذه القيم، يعتبر أكثر إنسانية من الإنسان؟ قد يقول البعض إن الإنسانية ليست مجرد سلوك، بقدر ما هي تجربة داخلية تتشكل من المعاناة والاختيار؛ فالصدق الذي يأتي بلا أخطار ليس كالصدق الذي يقال رغم الخوف، والرحمة التي تمارس بلا تضحية ليست مثل رحمة الأم التي تسهر على طفلها المريض. لكن مهما كانت الإجابة، فإن وجود هذا الكائن الاصطناعي يفضح شيئا فينا: أننا نحن، أصحاب التاريخ الطويل، لم نعد أوفياء للمثال الذي رسمناه لأنفسنا. نعرف الخير، لكننا كثيرا ما نختار غيره. أما الآلة، فهي لا تعرف إلا ما طلب منها أن تعرفه، ولا تفعل إلا ما وجهت لتفعله. ولهذا، تبدو نقية، وصادقة.

تابعونا لمزيد من التغطيات الحصرية والمحتوي المتنوع عبر أقسامنا المتجددة، حيث نقدم لكم أحدث أخبار وتقارير علي مدار الـ24 ساعة، وأحدث أخبار مصر  و اقتصاد وبنوك وبورصة إلي جانب تغطية حصرية من خلال  سفارات وجاليات ،  وتغطية شاملة للتطوير العقاري من خلال قسم عقارات ونتشارك في الترويج للسياحة والآثار المصرية من خلال قسم  سياحة وآثار  ، إضافة لأخبار خاصة في قسم ثقافة وفنون و علوم وتكنولوجيا ومنوعات ، كما نولي اهتمام خاص بـ الرياضة و المرأة ونقدم لكم كل يهم التعليم والطلاب من خلال أخبار الجامعات .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى