محمد صلاح في المعبد البوذي .. هجوم من المصريين وتفسير علمي لجلسات التأمل

محمد صلاح في المعبد البوذي .. هجوم من المصريين وتفسير علمي لجلسات التأمل

أثار الظهور اللافت لنجم نادي ليفربول محمد صلاح داخل معبد “إيكوين” البوذي باليابان، برفقة زملائه في جلسات تأمل (مديتيشن)، اهتماما واسعا.

وأخذ الاهتمام أبعادا طبية وعلمية، بعد أن باتت هذه الممارسة القديمة تحظى باهتمام الأوساط البحثية، لما لها من فوائد مثبتة لصحة الجسد والعقل، خاصة للرياضيين المحترفين.

ما هو التأمل؟

يُعرّف التأمل بأنه تمرين ذهني يُركز على الحضور الواعي للحظة الحالية، غالبا من خلال الجلوس بثبات، وضبط التنفس، وتصفية الذهن من التشتت. ورغم جذوره الروحية القديمة، فإن التأمل أصبح اليوم أداة علاجية وذهنية معترف بها علميا.

وفي هذا السياق، يؤكد الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن “جلسات التأمل ليست بدعة، ولا علاقة لها بالديانة التي تُمارس فيها، بل هي تقنية نستخدمها مع المرضى، ويوصي بها أطباء الطب الرياضي لتحسين الأداء الذهني والجسدي للرياضيين”.

ويشرح فرويز في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، أن التأمل يُحدث تأثيرا مباشرا على عدة نواقل عصبية مهمة في الدماغ، حيث يرفع مستويات السيروتونين، بما يحسن المزاج، والدوبامين، بما يزيد التركيز والتحفيز والشعور بالمكافأة، وحمض غاما أمينوبيوتيريك، بما يقلل التوتر والقلق، ويساعد على تنظيم الأدرينالين، فيقل التوتر وينظم التهيئة البدنية والذهنية.

طريقة تنفيذ التأمل: بين العلاج والأداء الرياضي

وبحسب فرويز، تختلف طريقة تنفيذ التأمل بين المرضى والرياضيين، ويقول “مع المرضى، يُمارَس التأمل في جلسات هادئة لمدة 15 دقيقة، حيث يُطلب منهم الاستلقاء في غرفة مظلمة، وأداء تمرين تنفس من الفم ثم من الأنف، لتنظيم استجابة الجسم للقلق.

أما الرياضيون، فيستخدمونه قبل المباريات أو أثناء التمرين، بجلسات أقصر وأكثر ديناميكية، تُركز على التصور الذهني والتفاعل مع الضغط، مما يعزز الأداء الذهني ويقلل من استجابات التوتر الحادة”.

والفوائد العلمية للتأمل لم تعد محل جدل، فدراسات طبية مرموقة دعمت هذه الممارسة، منها:

أولا: تقليل التوتر وتحسين الأداء الذهني

أظهرت مراجعة بحثية نُشرت في مجلة ” جاما إنترنال ميديسن” عام 2014 أن تقنيات التأمل الذهني، تؤدي إلى خفض مستويات التوتر والقلق بشكل ملحوظ. وهذا عامل رئيسي في تحسين أداء اللاعبين في ظروف الضغط العالية.

ثانيا: دعم النوم والاستشفاء العضلي

أشارت دراسة لمدرسة هارفارد الطبية في 2015، أن التأمل يمكن أن يحسن جودة النوم، وهو أمر أساسي لتعافي العضلات وتنشيط الجسم، خاصة بعد الرحلات الطويلة أو المباريات المرهقة.

ثالثا: تعزيز وظائف الجهاز المناعي

توصلت دراسة نُشرت في ” أنالز أوف ذا نيو يورك أكاديمي أوف ساينسِز” إلى أن التأمل يمكن أن يعزز المناعة من خلال تقليل الالتهابات المرتبطة بالإجهاد المزمن.

رابعا: تحسين التركيز الذهني والمرونة النفسية

وجدت دراسة من جامعة كالفورنيا أن التأمل المنتظم يساعد على تعزيز التركيز والوعي الذهني المستمر ، مما يدعم الاستجابة السريعة واتخاذ القرار تحت الضغط ، وهي مهارات أساسية في كرة القدم.

خامسا: التفريغ العاطفي وتقليل أعراض الاكتئاب

أظهرت دراسة منشورة في 2010 بدورية “كلينيكل سايكولوجي ريفيو” أن التأمل يُقلل من أعراض الاكتئاب، ويساعد على تحسين المزاج والاستقرار النفسي.

تأمل محمد صلاح ليس بدعة

ومن جانبه، يتعجب الدكتور إبراهيم مجدي استشاري الطب النفسي، من الجدل الذي أثارته صورة صلاح. وقال لـ”العين الإخبارية”: “التأمل هو أحد أدوات الطب النفسي الرياضي. فما فعله صلاح معروف في كل الدوريات العالمية”.

وأوضح أن التأمل يمنح الرياضيين مزايا ذهنية ونفسية تؤثر مباشرة على أدائهم، مثل تحسين التركيز الذهني خلال المباريات، وتحسين القدرة على البقاء في “اللحظة”، وهو ما يحتاجه الرياضي لتجنب التشتت، وخفض مستويات التوتر قبل المنافسات، ويساعد في تنظيم استجابة “الكر أو الفر”، فيصبح اللاعب أكثر هدوءا تحت الضغط، وتسريع الاستشفاء البدني، فمن خلال تقليل إفراز هرمونات التوتر (مثل الكورتيزول)، يُحفَّز الجهاز العصبي الباراسمبثاوي، مما يسرّع الشفاء، وأخيرا تعزيز المرونة النفسية، فاللاعب يتعلم تقبل الفشل والإحباط والتعامل معه دون تدهور في الأداء.