د .خالد عمر يكتب: دجل وشعوذة إقتصادية ، والبيضة والحجر .

كلما وجدت أحد الاقتصاديين من العاملين في المؤسسات المالية العالمية والدولية أو الإقليمية ، ومن يطلقون على أنفسهم خبراء مال وأعمال واقتصاد من نتاج هذا العصر
” الاقتصاد الفنكوشي” ويحضر بخاطري علي التو فيلم ” البيضة والحجر ” للفنان الراحل احمد ذكي ، وهو فيلم من تأليف المبدع محمود ابو زيد : والذي يروي قصة أستاذ فلسفة يضطر بسبب ظروفه المعيشية الصعبة للعيش في شقة فوق سطح بناية في حي شعبي، حيث يؤمن سكانه جميعًا بالسحر والشعوذة ، و كان الساكن السابق ” عم سباخ ” الذي لعب دورة الفنان القدير الراحل ” محمد السباع ” قد اشتهر في الحي بكونه يمارس السحر والدجل والشعوذة والقدرة علي التنبؤ بالمستقبل وصنع المعجزات ، فهو يلعب علي أحلامهم البسيطة والطبيعية ، من الزواج وإنجاب الاولاد ، وغيرها من احتياجات إنسانية يحلم بها الغالبية العظمى من الناس الفقير منهم والغني ، و يعيش سكان الحي البسطاء على اعتقاد أن مشاكلهم ناتجة عن السحر، وأن الحل الوحيد لها هو السحر أيضًا. يحاول الأستاذ المثقف إقناعهم بأنهم يعيشون في وهم كبير، وأن مشاكلهم سببها ظروف حياتية يمكن تفسيرها بالعقل والمنطق. لكنه يواجه صعوبة في إقناعهم، إذ يعتقدون أنه يرفض مساعدتهم (باعتباره خليفة للمشعوذ ) لأنهم فقراء ولن يستطيعوا دفع المال .
والسيد “المبروك”، بطل الفيلم ” احمد ذكي “(الأستاذ المثقف : احمد ذكي )، من خلال دراسته للفلسفة وعلم الاجتماع، احتكاكه بهذه الطبقة الاجتماعية الهشة في المجتمع المصري، أنه من المستحيل إقناعهم بأن مشاكلهم ناتجة عن ظروف مادية تخضع للعقل والمنطق، لأنه يدرك أن الإطار الفكري الذي يعيشون فيه لا يسمح لهم برؤية الحقيقة إلا كما يتصورون و يحلمون .
فيقرر أن يتعامل معهم على طريقتهم وثقافتهم ، في البداية بدافع الفضول والمغامرة، ثم من باب مساعدتهم عبر استخدام بعض أساليب علم النفس وعلم الاجتماع، دون أن يكون هدفه تحصيل المال. ولكن سرعان ما يفتح أمامه باب “مغارة علي بابا”، ويبدأ المال والشهرة يتدفقان عليه، مما يحقق له الثراء والقوة ، بل وأصبح زبائنه من الأغنياء وصفوة المجتمع بدلاً من الفقراء والمعدمين.
وهذا الفيلم هو ما ينطبق علي أحد خبراء الاقتصاد يدعي ويروج للحلول والبرامج الإصلاح الاقتصادي والمالي التي تقدمها المؤسسات المالية والتمويلية دولية النشاط : فهو يقوم بدور عم سباخ أو مبروك في الفيلم ، يلعبون علي اوتار واحلام الفقراء والغلابة والمحتاجين والمعدمين ، الذين يطلبون عيشه كريمه ، يعيشون علي تحقيق هذا الأمل لهم ولغيرهم من ملايين البشر ، وللأسف نجد أن هناك عشرات بل مئات يصفقون ويروجون لهؤلاء المشعوذين ، الذين يستخدمون عبارات ومصطلحات ” كلمات حنجورية”
مثل التنمية المستدامة ، والاقتصاد الأخضر أو علاج وحلول لتضخم وعلاج المديونيات ، تحت مسمى ” نادي الجنوب ” ( كما قال الفنان الكبير عادل إمام في أحد أفلامه: شحات تزوج شحاته ، خلفوا شحات صغير ) وغيرها من المسميات مع نطقها باللغة الإنجليزية “فهي عدة وأدوات الشغل ” تماما كما فعل الفنان القدير الراحل: احمد مظهر في فيلم ” العتبة الخضراء ” (والذي كان يرتدي ملابس فخمة ويصرف ببذخ ) عندما قام ببيع الترام ومطافي العتبة لمبروك ” الراحل إسماعيل ياسين” القروي الساذج .
عزيزتي عزيزي ، صاحب و متخذ القرار أنتبه جيدا لهولاء الدجالين والمشعوذين
” خبراء الاقتصاد الجدد” للأسف كلهم عم سباخ انتمائهم لتلك المنظمات والمؤسسات المالية العالمية يحصلون منها علي آلاف بل ملايين الدولارات مقابل تسويق وترويج الوهم استغلالاً لظروف الناس والمجتمعات والدول لتنمية والنمو والتقدم ، مع خالص تحياتي .
تابعونا لمزيد من التغطيات الحصرية والمحتوي المتنوع عبر أقسامنا المتجددة، حيث نقدم لكم أحدث أخبار وتقارير علي مدار الـ24 ساعة، وأحدث أخبار مصر و اقتصاد وبنوك وبورصة إلي جانب تغطية حصرية من خلال سفارات وجاليات ، وتغطية شاملة للتطوير العقاري من خلال قسم عقارات ونتشارك في الترويج للسياحة والآثار المصرية من خلال قسم سياحة وآثار ، إضافة لأخبار خاصة في قسم ثقافة وفنون و علوم وتكنولوجيا ومنوعات ، كما نولي اهتمام خاص بـ الرياضة و المرأة ونقدم لكم كل يهم التعليم والطلاب من خلال أخبار الجامعات .