د .خالد عمر يكتب : الفراغ السياسي و جذور الأزمة الفرنسية.

بعد أن صوت نواب الشعب الفرنسي في الجمعية الوطنية بسحب الثقة من الوزير الأول François Bayrou ب 364 صوت لسحب الثقة ،مقابل 194
بتجديد الثقة ،( وهو الذي توقعناه وجاء في تحليلي للأوضاع السياسية في فرنسا ، وجاء في مقالتي السابقة)
ووفقا لدستور الفرنسي المادة 301
يلزم علي السيد/ بايرو تقديم استقالته ، وهو ماحدث اليوم بالفعل ، وبناء عليه فإن السيد/ ايمانويل ماكرون رئيس الجمهورية ، باختيار وزير الدفاع السيد/ Sébastien Lecornu لتشكيل حكومة جديدة ( وهو من مواليد يونيو 1986: أي يبلغ من العمر 40 عاما).
ومن اللافت للنظر قول السيد/ بايرو رئيس الوزراء المستقيل ، في خطابه أمام نواب الجمعية الوطنية ، وقبل التصويت علي منح الثقة : أن فرنسا تزداد فقرا عام بعد عام ، وان إسقاط حكومته لن يبعد الخطر ، وهو كلام في مضمونه صحيح إلي حد بعيد ، فإن إسقاط حكومة وتكليف حكومة أخري لن يخرج فرنسا من أزماتها الاقتصادية السياسية.
قد يبدو للكثير لأول وهله أن الأزمة الفرنسية هي اقتصادية ووضع إقتصادي صعب وديون قاربت من التريليون ونصف يورو ، وخروج كثير من الشركات للسوق الفرنسي ، وارتفاع نسبة البطالة ، وبطيء التوظيف ومعدلات التنمية ، وخلافة.
وان الباحثين والمهتمين بالشأن الفرنسي
يركزون علي الأزمة والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية كسبب رئيس لما تمر به فرنسا اليوم ، وأنني أختلف مع هؤلاء ، وان مشكله فرنسا اليوم هي أزمة سياسية (بجانب الاقتصاد ) وان هناك فراغ سياسى كبير ، فرنسا تعاني من كوادر سياسة ذات ثقل ومصداقية في الشارع السياسي الفرنسي.
ويتضح ذلك جلياً في نسب أحجام عالية عن المشاركة والتصويت في الجولة الانتخابية سواء المحليات أو الرئاسية.
فرنسا منذ الجنرال ديجول ومن خلفه وآخرهم جاك شيراك ، وهي تعاني من عدم وجود شخصية سياسية قادرة على استقطاب الاتجاهات السياسية المختلفة
في مسار توافقي متناسق غير متوافر كما يحدث اليوم .
فبعد جاك شيراك جاء السيد ساركوزي
والذي صدم المواطنين الفرنسيين بضعف أداءه السياسي رغم تدرجة في العمل السياسي قبل الترشح للرئاسه والفوز لها ، فقد خيب كثير من الآمال التي كان ينتظرها من الموطن الفرنسي.
ومن ثم بعده جاء السيد / فرنسوا هولاند ، وهو الآخر كان أداءه ضعف للغاية ، ونتيجة لفقدان الثقة في السياسة والسياسيين ، والتشتت بين الديجوليين والجمهويين واليسار والوسط ، جاء السيد/ ايمانويل ماكرون ، ليتولى فترتين للرئاسة ، فاستمر معه التنافر السياسي والحزبي ، والذي استفاد منه أقصي اليمين NR وحقق نسب تصويت عاليه خلال الجولات الانتخابية الأخيرة الماضية.
أن فرنسا لما لديها من قدرات ومقومات اقتصادية قوية سواء منفردة أو من خلال الاتحاد الأوروبي ، قادرة على تخطي أزماتها الاقتصادية ، ولكن يبقي التحدي الحقيقي هو بروز شخصية سياسية قادرة علي نيل ثقة المواطنين
فالمواطن الفرنسي مواطن له مطالب وآمال ، ومن الصعب أن ترضى كثيرا منهم ، (وكما قال الزعيم الراحل شارل ديجول: كيف ترضى شعب يأكل 360 صنف من الجبنة) فالمواطن الفرنسي محبط من أداء رجال السياسة الموجودين حاليا على المسرح السياسي.
لذا ، فالأزمة التي تواجهها فرنسا اليوم هي أزمة تمر بها دول وشعوب كثيرة تعاني من فقدان الثقة في رجال السياسة ، والاقتصاد ، بسبب عدم توافر المصداقية والمصارحة و العلنية ، التي يمكنهم من استراد ما فقدوه أمام المواطنين ، فعلي الأحزاب السياسية وهي مفرخة الكوادر الوطنية أن تغير من سياستها والعمل علي جذب العناصر الشبابية الواعدة والقادرة علي إدارة البلاد ، وحمل راية المستقبل ، وبدون ذلك سوف تستمر فرنسا ودول كثيرة أخري الدوران في هذه الدائرة المفرغة من حكومة إلي أخري ، من تخبط سياسي واقتصادي عشوائي ، تدفع ضريبة من جيوب المواطنين ، واغلبهم من أصحاب الدخول المتدنية والفقيرة.
علينا الانتظار لنري ماذا ستأتي به الأيام القادمة.
تابعونا لمزيد من التغطيات الحصرية والمحتوي المتنوع عبر أقسامنا المتجددة، حيث نقدم لكم أحدث أخبار وتقارير علي مدار الـ24 ساعة، وأحدث أخبار مصر و اقتصاد وبنوك وبورصة إلي جانب تغطية حصرية من خلال سفارات وجاليات ، وتغطية شاملة للتطوير العقاري من خلال قسم عقارات ونتشارك في الترويج للسياحة والآثار المصرية من خلال قسم سياحة وآثار ، إضافة لأخبار خاصة في قسم ثقافة وفنون و علوم وتكنولوجيا ومنوعات ، كما نولي اهتمام خاص بـ الرياضة و المرأة ونقدم لكم كل يهم التعليم والطلاب من خلال أخبار الجامعات .